حمى الضنك مرض فيروسي ينقله البعوض وقد انتشر بسرعة في كل أقاليم المنظمة بالسنوات الأخيرة. وتنقل فيروس الضنك أناث البعوض التي هي من جنس الزاعجة المصرية أساساً، وبدرجة أقل الزاعجة المرقطة. كما ينقل هذا النوع من البعوض داء الشيكونغونيا والحمى الصفراء وعدوى فيروس زيكا. وتستشري حمى الضنك على نطاق واسع بالمناطق المدارية وتتباين معدلات خطورتها محلياً لتتأثر بمعدلات هطول الأمطار ودرجات الحرارة والرطوبة النسبية والتوسع الحضري السريع والعشوائي.
وتتسبب حمى الضنك في الإصابة بطائفة واسعة من الأمراض، يمكن أن تتراوح بين أمراض مصحوبة بأعراض هي دون السريرية (قد يجهل الناس أنهم مصابون بعدواها حتى) وأخرى وخيمة الأعراض شبيهة بالأنفلونزا لدى المصابين بعدواها. ورغم أن حمى الضنك الوخيمة أقل شيوعاً، فإن بعض الناس قد يُصابون بعدواها ويمكن أن تقترن بعدد من المضاعفات المرتبطة بالتعرض لنزيف حاد و/ أو قصور أداء أجهزة الجسم و/ أو تسرب البلازما. وترتفع خطورة التعرض للوفاة من جراء الإصابة بهذه الحمى إن لم تُدبر علاجياً كما ينبغي. وجرى التعرف لأول مرة عليها في خمسينات القرن الماضي أثناء اندلاع أوبئة حمى الضنك بالفلبين وتايلند. أما اليوم فإن حمى الضنك الوخيمة تلقي بظلالها الثقيلة على معظم البلدان الواقعة بآسيا وأمريكا اللاتينية، وباتت من الأسباب الرئيسية لدخول الأطفال والبالغين إلى المستشفيات وتعرضهم للوفاة في ذاكما الإقليمين.
ويسبب حمى الضنك فيروس من فصيلة الفيروسات المصفّرة، ويوجد أربعة أنماط مصلية متميزة من الفيروس المسبب لحمى الضنك، وإن ربطتها صلات وثيقة ببعضها، (DENV-1 وDENV-2 وDENV-3 وDENV-4). ويُعتقد أن تعافي المريض من عدوى الفيروس يكسبه مناعة تدوم طيلة عمره ضد النمط الذي أُصيب به، على أن المناعة المتصالبة المكتسبة بعد الإبلال إزاء الأنماط الأخرى تظل جزئية ومؤقتة. وتزيد حالات الإصابة لاحقاً بعدوى أنماط أخرى من الفيروس (العدوى الثانوية) من خطورة الإصابة بحمى الضنك الوخيمة.
ولحمى الضنك أنماط وبائية متميزة ترتبط بأنماط الفيروس المصلية الأربعة. وبمقدور تلك الأنماط أن تتشارك في الدوران داخل إقليم ما، ويوجد بالواقع الكثير من البلدان الموطونة بشدة بجميع أنماط الفيروس المصلية الأربعة. وتخلف حمى الضنك آثاراً مثيرة للذعر على صحة الإنسان والاقتصادات العالمية والوطنية على حد سواء. وكثيراً ما ينقل المسافرون المصابون بعدوى حمى الضنك فيروس الحمى من مكان إلى آخر؛ وعندما تكون النواقل المعرضة لخطر الإصابة بالمرض موجودة بتلك المناطق الجديدة، فإن من المحتمل أن يصبح انتقالها محلياً راسخ الطابع فيها.
العبء العالمي لحمى الضنك
ارتفعت خلال العقود الأخيرة معدلات الإصابة بحمى الضنك بشكل كبير في أرجاء العالم بأسره. وتكون معظم حالات الإصابة بها غير مصحوبة بأعراض أو خفيفة ومدبرة العلاج ذاتياً، ويقل بالتالي معدل الإبلاغ عن الأعداد الفعلية لحالات الإصابة بها. كما يُخطأ في تشخيص الكثير من الحالات بوصفها من الاعتلالات الحموية الأخرى [1].
ويشير أحد التقديرات المتعلقة بوضع النماذج إلى أن حالات الإصابة بعدوى فيروس حمى الضنك تبلغ 390 مليون حالة سنوياً (بفاصل ثقة قدره 95٪ لما يتراوح عدده بين 284 و528 مليون حالة)، منها 96 مليون حالة (67-136 مليون حالة) مصحوبة بأعراض سريرية واضحة (بصرف النظر عن مدى وخامة المرض). وتشير دراسة أخرى في تقديراتها عن معدلات انتشار حمى الضنك إلى أن خطر الإصابة بعدوى فيروسات الحمى يحدق بسكان عددهم 3.9 مليار نسمة. ورغم استشراء خطر الإصابة بعدواها في 129 بلداً [3]، فإن آسيا ترزح تحت وطأة نسبة 70% من عبئها الفعلي [2].
وازداد عدد حالات الإصابة بحمى الضنك التي أُبلغت بها المنظمة إلى أكثر من 8 أمثال طوال العقدين الماضيين من الزمن، وذلك من 430 505 حالة في عام 2000 إلى ما يزيد على 2.4 مليون حالة في عام 2010، وإلى 4.2 مليون حالة في عام 2019. كما ازدادت الوفيات المبلغ عنها بين عامي 2000 و2015 من 960 وفاة إلى 032 4 وفاة.
وتُعزى جزئياً هذه الزيادة المثيرة للذعر في أعداد الحالات إلى تغيير الممارسات الوطنية لتسجيل حالات الإصابة بحمى الضنك ورفع التقارير عنها إلى وزارات الصحة والمنظمة. ولكنها تمثل أيضاً اعترافاً من الحكومات بعبء مرض حمى الضنك وبأهمية الإبلاغ عن عبئه بنهاية المطاف. وعليه، ورغم أن كامل العبء العالمي للمرض غير مؤكد، فإن هذه الزيادة الملحوظة في حالاته تساعد على الخروج بتقدير أدق لنطاق عبئه الكامل.
معدلات توزيع حمى الضنك وفاشياتها
قبل عام 1970 لم تشهد أوبئة حمى الضنك الوخيمة سوى 9 بلدان. أما الآن فإن هذا المرض متوطن في أكثر من 100 بلد من البلدان الواقعة في أقاليم كل من أفريقيا والأمريكيتين وشرق المتوسط وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ التابعة للمنظمة. وتعتبر أقاليم كل من الأمريكتين وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ الأكثر معاناة من أضرار المرض الجسيمة، بحيث ترزح آسيا تحت وطأة نسبة 70% من عبئه العالمي.
وفضلاً عن تزايد عدد حالات الإصابة بالمرض في ظل اتساع رقعة انتشاره بمناطق جديدة، فإنه يسفر عن اندلاع فاشيات انفجارية. وثمة خطر الآن في أن من المحتمل أن تندلع فاشية لحمى الضنك في أوروبا؛ وقد أُبلغ لأول مرة عن انتقال المرض محلياً في فرنسا وكرواتيا بعام 2010 وكُشف عن حالات وافدة في 3 بلدان أوروبية أخرى. وأسفرت في عام 2012 فاشية لحمى الضنك اندلعت في جزر مادييرا البرتغالية عن الإصابة بأكثر من 2000 حالة، وكُشف عن حالات وافدة في البر البرتغالي و10 بلدان أخرى في أوروبا. ومن الملاحظ الآن وجود حالات أصيلة كل عام تقريباً بالكثير من البلدان الأوروبية. وتمثل حمى الضنك فيما بين المسافرين العائدين من البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل ثاني أكثر أسباب الإصابة بالحمى بعد الملاريا.
وما فتأت حمى الضنك تلقي بظلالها الثقيلة في عام 2020 على عدة بلدان إبان ورود تقارير تفيد بزيادة أعداد حالات الإصابة بها في كل من بنغلاديش والبرازيل وجزر كوك وإكوادور والهند وإندونيسيا وملديف وموريتانيا ومايوت (الفرنسية) ونيبال وسنغافورة وسري لانكا والسودان وتايلند وتيمور – ليشتي واليمن.
وشهد عام 2019 الإبلاغ عن أكبر عدد من حالات الإصابة بحمى الضنك على الإطلاق في العالم، بحيث تأثرت جميع الأقاليم بالمرض وسُجِّل لأول مرة انتقاله في أفغانستان.
وأبلغ إقليم الأمريكتين لوحده عن 3.1 مليون حالة، منها أكثر من 25,000 حالة صُنفت على أنها وخيمة. ورغم هذا العدد المثير للذعر من الحالات، فإن الوفيات الناجمة عنها قلّت عمّا كانت عليه في العام السابق.
وأُبلغ عن زيادة عدد حالات الإصابة بالمرض في كل من بنغلاديش (000 101 حالة) وماليزيا (000 131 حالة) والفلبين (000 420 حالة) وفييت نام (000 320 حالة) في آسيا.
كما شهد عام 2016 اندلاع كبرى فاشيات حمى الضنك، بحيث أبلغ إقليم الأمريكتين عن أكثر من 2.38 مليون حالة إصابة بالمرض من جرائها. واستأثرت البرازيل لوحدها في ذاك العام بنحو 1.5 مليون حالة، أي بزيادة قدرها ثلاثة أمثال تقريباً في عدد الحالات مقارنة بعام 2014؛ وأبلغ أيضاً في الإقليم عن وفيات نجمت عن المرض عددها 1032 وفاة. وأبلغ بالعام نفسه إقليم غرب المحيط الهادئ عن أكثر من 000 375 حالة مشتبه فيها، منها 411 176 حالة أبلغت عنها الفلبين و028 100 حالة أبلغت عنها ماليزيا، وهو ما يمثل عبئاً مشابهاً للعبء الذي تحمله البلدان كلاهما في العام السابق. كما أعلنت جزر سليمان عن اندلاع فاشية فيها أسفرت عن الإصابة بحالات يُشتبه فيها عددها 7000 حالة. وأبلغت بوركينا فاسو في الإقليم الأفريقي عن اندلاع فاشية محلية فيها من حمى الضنك وأسفرت عن الإصابة بحالات محتملة عددها 1061 حالة.
وأبلغ في عام 2017 عن تخفيض كبير في عدد حالات الإصابة بحمى الضنك في إقليم الأمريكتين – من 2 177 171 حالة في عام 2016 إلى 584 263 حالة في عام 2017. وهو ما يمثل تخفيضاً نسبته 73%. وتبين أن بنما وبيرو وأروبا هي البلدان الوحيدة التي سجلت زيادة في عدد الحالات خلال عام 2017.
كما سجّل في العام نفسه تراجع بنسبة 53 في المائة في حالات الإصابة بحمى الضنك الوخيمة. وشهدت الفترة اللاحقة لاندلاع فاشيات مرض زيكا (أي بعد عام 2016) انخفاضاً في حالات الإصابة بحمى الضنك، ولا تزال العوامل التي تقف وراء هذا الانخفاض مجهولة.
انتقال المرض
انتقاله من البعوض إلى الإنسان
يُنقل الفيروس إلى الإنسان بواسطة لدغات أناث البعوض الحاملة لعدواه، وهي أساساً من جنس الزاعجة المصرية. وثمة أنواع أخرى تنتمي إلى جنس البعوض الزاعج بإمكانها أيضاً أن تقوم مقام نواقل المرض، ولكن إسهامها في نقله يعد ثانوياً مقارنة بالزاعجة المصرية.
وبعد أن تتغذى البعوضة على دم شخص مصاب بعدوى فيروس حمى الضنك، فإن الفيروس يتكاثر في معدتها الوسطى قبل أن ينشر في أنسجتها الثانوية، بما فيها الغدد اللعابية. ويُسمى الوقت الذي تستغرقه البعوضة انطلاقاً من تناولها للفيروس وحتى نقلها له فعلياً إلى مضيف جديد بفترة الحضانة الخارجية. وتستغرق هذه الفترة ما يتراوح بين 8 أيام و12 يوماً تقريباً في حال تراوحت درجة حرارة المحيط بين 25 و28 درجة مئوية [4-6]. ولا تتأثر الاختلافات في فترة الحضانة الخارجية بدرجة حرارة المحيط فحسب؛ بل يوجد عدد من العوامل من مثل حجم التقلبات الطارئة على درجات الحرارة يومياً [7، 8] والنمط الجيني للفيروس [9] وتركيزات الفيروس الأولية [10] التي يمكن أن تغير أيضاً الوقت الذي تستغرقه البعوضة في نقله. وبمجرد أن تصبح البعوضة معدية، فإنها تغدو قادرة على نقل الفيروس طوال الفترة المتبقية من حياتها.
انتقاله من الإنسان إلى البعوض
يمكن أن يصاب البعوض بعدوى مرض حمى الضنك من الأشخاص الذين يحملون فيروسه في دمهم. وهذا الشخص يمكن أن يكون مصاباً بعدوى حمى الضنك المصحوبة بأعراض، أو آخر لم يُصب بعدُ بعدواها المصحوبة بها، ولكن لا يُستثنى من ذلك أيضاً من لا يبدون علامات الإصابة باعتلالات المرض (المصابون بعدواه غير المصحوبة بأعراض) [11].
ويمكن أن تُنقل العدوى من الإنسان إلى البعوض قبل يومين من ظهور أعراض الاعتلال على الشخص [5، 11]، وبعد يومين من زوال الحمى عنه [12].
وترتبط خطورة إصابة البعوضة بعدوى المرض ارتباطاً إيجابياً بارتفاع معدل وجود الفيروس في دم المريض وارتفاع درجة حرارة جسمه؛ وبخلاف ذلك، فإن ارتفاع مستويات أضداد فيروس حمى الضنك تحديداً في الدم يرتبط بانخفاض خطورة إصابة البعوضة بعدوى المرض (نغوين وآخرون 2013 PNAS). ويكون الفيروس موجوداً في دم معظم الناس لمدة تتراوح بين 4 و5 أيام، ولكن وجوده يمكن أن يطول ليبلغ مدة تصل إلى 12 يوماً [13].
طرق الانتقال الأخرى
تعتمد طريقة الانتقال الرئيسية لفيروس حمى الضنك بين بني البشر على حشرات البعوض بوصفها من نواقله. ولكن ثمة بينات تثبت إمكانية نقل الفيروس من الأم (الحامل إلى طفلها)، بينما تبدو معدلات انتقال الفيروس عمودياً منخفضة، نظراً إلى ارتباط خطورة انتقاله بهذه الطريقة على ما يبدو بتوقيت عدوى الإصابة بحمى الضنك أثناء الحمل [14-17]. وفي حال كانت الأم مصابة فعلاً بعدوى فيروس حمى الضنك أثناء الحمل، فإن طفلها قد يعاني من ولادته قبل أوانه ومن انخفاض وزنه عند الولادة ومن تعرضه للضائقة الجنينية [18].
إيكولوجيا نواقل المرض
إن بعوضة الزاعجة المصرية هي الناقل الرئيسي لحمى الضنك، وهي تعيش في موائل حضرية وتتكاثر أساساً في حاويات من صنع الإنسان. وتتغذى البعوضة أثناء النهار؛ وتصل فترات لسعها إلى ذروتها في مطلع الصباح وفي المساء قبل الغسق [19]. وتلسع أنثى بعوض الزاعجة المصرية عدة أشخاص بين كل فترتين تضع فيها بيوضها [20]. وبمجرد وضعها لبيوضها، فإن بإمكان هذه البيوض أن تبقى حية لعدة أشهر وتفقس عند ملامستها للمياه.
أما الزاعجة المرقطة فهي ناقل ثانوي لحمى الضنك في آسيا، وهي تنتشر في أكثر من 32 ولاية بالولايات المتحدة الأمريكية وأكثر من 25 بلداً واقعاً بالإقليم الأوروبي، وذلك أساساً بسبب التجارة الدولية بالإطارات المستعملة (موئل تكاثر البعوض) والسلع الأخرى (مثل نبات خيزران الحظ). وتتسم الزاعجة المرقطة بقدرتها العالية على الـتأقلم، ويُعزى انتشارها على نطاق جغرافي واسع إلى قدرتها على تحمل درجات الحرارة المنخفضة، سواء كانت بيضة أم بعوضة بالغة [21، 22]. ويُنسب عدد محدود من الفاشيات المندلعة إلى هذه الزاعجة المرقطة بوصفها الناقل الرئيسي لفيروس حمى الضنك فيها، وذلك بالحالات التي لا تكون فيها الزاعجة المصرية موجودة أو موجودة بأعداد منخفضة [23، 24]
خصائص المرض (علاماته وأعراضه)
إن حمى الضنك مرض وخيم شبيه بالأنفلونزا وهو يصيب الرضع وصغار الأطفال والبالغين، ولكنه قلّما يودي بحياة المصاب به. وعادة ما تدوم أعراض المرض فترة تتراوح بين يومين و7 أيام في أعقاب فترة حضانة تتراوح بين 4 و10 أيام وبعد تعرض الفرد للسع بعوضة مصابة بعدوى المرض [25]. وتصنف منظمة الصحة العالمية حمى الضنك إلى الفئتين الرئيسيتين التاليتين: حمى الضنك (المصحوبة بعلامات تحذيرية/ غير المصحوبة بهذه العلامات) وحمى الضنك الوخيمة. وإن التصنيف الفرعي لحمى الضنك بوصفها مصحوبة بعلامات تحذيرية أو أخرى غير مصحوبة بها معدّ لغرض مساعدة الممارسين الصحيين على فرز المرضى اللازم إدخالهم إلى المستشفى وضمان التدقيق في ملاحظة حالتهم والتقليل إلى أدنى حد من خطورة الإصابة بحمى الضنك الأوخم (انظر أدناه).
حمى الضنك
ينبغي الاشتباه في إصابة الفرد بحمى الضنك عندما يُصاب بحمى عالية (40 درجة مئوية/ 104 درجات فهرنهايت) مصحوبة باثنين من الأعراض التالية خلال المرحلة الحموية:
- صداع شديد
- ألم وراء العينين
- آلام العضلات والمفاصل
- الغثيان
- التقيؤ
- تورم الغدد
- الطفح الجلدي
حمى الضنك الوخيمة
عادة ما يدخل المريض ما يسمى بالمرحلة الحرجة في غضون فترة تتراوح بين 3 و7 أيام تعقب ظهور أعراض المرض عليه. وهي المرحلة التي تنخفض فيها درجة حرارة المريض (إلى ما دون 38 درجة مئوية/ 100 درجة فهرنهايت)، ويمكن أن تظهر عليه علامات تحذيرية مرتبطة بإصابته بحمى الضنك الوخيمة التي يُحتمل أن تتسب في الإصابة بمضاعفات مميتة ناجمة عن تسرب البلازما، أو تراكم السوائل، أو ضيق التنفس، أو النزف الشديد، أو قصور أداء أعضاء الجسم.
وفيما يلي العلامات التحذيرية التي ينبغي أن يبحث الأطباء عنها:
- ألم شديد في البطن
- التقيؤ المستمر
- التنفس السريع
- نزيف اللثة
- الإجهاد
- الأرق
- وجود دم في القيء.
وإذا أبدى المريض هذه الأعراض أثناء المرحلة الحرجة من المرض، فإنه لا غنى عن التدقيق في ملاحظة حالته خلال الساعات التالية التي تتراوح بين 24 و48 ساعة لكي يتسنى تزويده بالرعاية الطبية اللازمة تلافياً لإصابته بمضاعفات وخطورة تعرضه للوفاة.
وسائل التشخيص
بالإمكان الاستعانة بعدة أساليب لتشخيص عدوى فيروس حمى الضنك، ومنها الاختبارات الفيروسية (التي تكشف مباشرة عن عناصر الفيروس) والاختبارات المصلية التي تكشف عن المكونات المناعية المشتقة من الإنسان والتي تُولّد استجابة للفيروس. ورهناً بوقت ظهور أعراض المرض على المريض، فإن تطبيق أساليب التشخيص المختلفة قد يكون أنسب أو أقل ملاءمة. ولابد من فحص ما يُجمع من عينات من المرضى خلال الأسبوع الأول من ظهور الاعتلال بواسطة أساليب الاختبار المصلية وتلك الفيروسية على حد سواء (اختبار تفاعل البوليميراز التنسخي العكسي المتسلسل).
الأساليب الفيروسية
يمكن عزل الفيروس عن الدم خلال الأيام القليلة الأولى من الإصابة بالعدوى. وتُتاح أساليب مختلفة لإجراء اختبار تفاعل البوليميراز التنسخي العكسي المتسلسل، وتتسم عموماً مقايسات هذا الاختبار بطابع الحساسية، ولكنها تستدعي توفير معدات متخصصة وتدريباً تقنياً للموظفين الذين يجرونها، لذا فهي غير متاحة دوماً بجميع المرافق الطبية. ويمكن أيضاً الاستفادة من المنتجات المستمدة من العينات السريرية عقب فحصها بواسطة اختبار تفاعل البوليميراز التنسخي العكسي المتسلسل لغرض تحديد أنماط جينات الفيروس لإتاحة المجال أمام إجراء مقارنات مع عينات الفيروس المأخوذة من مصادر جغرافية مختلفة.
كما يمكن الكشف عن الفيروس بواسطة اختبار البروتينات التي ينتجها، والتي تسمى البروتينات اللابنيوية 1. وثمة اختبارات تشخيص سريع منتجة لأغراض تجارية ومتاحة لهذا الغرض، لأن إجراءها لا يستغرق إلا 20 دقيقة لتحديد النتيجة ولا يتطلب توفير تقنيات أو معدات مختبرية متخصصة.
الأساليب المصلية
قد تؤكد الأساليب المصلية مثل مقايسات المناعة المرتبطة بالإنزيمات وجود عدوى حديثة أو سابقة بواسطة الكشف عن أضداد مكافحة حمى الضنك IgM وIgG. وبالإمكان الكشف عن أضداد IgM عقب مرور أسبوع واحد على الإصابة بالعدوى، علماً بأن تلك الأضداد تبلغ أعلى مستوياتها بعد مرور فترة تتراوح بين أسبوعين و4 أسابيع من ظهور أعراض المرض. ويظل الكشف عنها ممكناً لمدة 3 أشهر تقريباً، ويدل وجودها على الإصابة بعدوى حديثة من فيروس حمى الضنك. أمّا الأضداد IgG فتستغرق وقتاً أطول من أضداد IgM لكي تتكون بمستويات معينة، ولكنها تبقى في الجسم لسنوات عديدة، ويدل وجودها على الإصابة بعدوى سابقة من فيروس حمى الضنك.
العلاج
لا يوجد علاج محدد لحمى الضنك.
ويمكن تناول خافضات الحرارة ومسكنات الألم لمكافحة أعراض أوجاع العضلات والآلام والحمى.
- لعل الأسيتامينوفين أو الباراسيتامول من أفضل الخيارات المتاحة لعلاج تلك الأعراض.
- لابد من تجنب تناول مضادات الالتهابات غير الستيرويدية، مثل الإيبوبروفين والأسبرين. لأن تلك الأدوية المضادة للالتهابات تحدث فعلها عن طريق ترقيق صفائح الدم وقد تتسبب في تفاقم عملية التكهن بالمرض في ساق الإصابة بهذا الداء المقترن بخطورة تعرض المصاب به للنزيف.
وبالنسبة إلى حمى الضنك الوخيمة، فإن بالإمكان إنقاذ الأرواح من ويلاتها بفضل الرعاية الطبية المقدمة على يد الأطباء والممرضين من ذوي الخبرة بتبعات المرض ومراحل تطوره – بحيث تقلل هذه الرعاية معدلات الوفيات من نسبة تزيد على 20% إلى أقل من 1%. ولا يُستغنى عن صون حجم سوائل جسم المريض المصاب بحمى الضنك الوخيمة في إطار تزويده بالرعاية. وينبغي أن يسعى المرضى المصابون بحمى الضنك إلى الحصول على المشورة الطبية عند إبدائهم لعلامات تحذيرية من المرض.
التطعيم ضد حمى الضنك
لقد رُخص في كانون الأول/ ديسمبر 2015 باستعمال أول لقاح مضاد لحمى الضنك وهو لقاح Dengvaxia® (CYD-TDV) الذي تولت تحضيره شعبة سانوفي باستور للقاحات، وحظي الآن بموافقة السلطات التنظيمية على استعماله في 20 بلداً. ونُشرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 نتائج تحليل آخر للبت بأثر رجعي في الوضع المصلي للقاح في وقت التطعيم به. وأظهر التحليل أن المجموعة الفرعية من المشاركين في التجربة ممّن خُلص إلى أنهم سلبيون مصلياً في وقت تطعيمهم لأول مرة باللقاح كانوا أكثر عرضة لخطورة الإصابة بحمى الضنك الوخيمة ولإدخالهم إلى المستشفى من جراء إصابتهم بحمى الضنك مقارنة بالمشاركين فيها من غير المطعمين باللقاح. وعليه، فإن استعمال اللقاح موجه إلى من يعيشون بمناطق موطونة بالمرض ممّن تتراوح أعمارهم بين 9 أعوام و45 عاماً من الذين وثقت إصابتهم بعدوى فيروس حمى الضنك لمرة واحدة على الأقل في السابق.
موقف المنظمة إزاء لقاح CYD-TDV
بينت ورقة الموقف الصادرة عن المنظمة (في أيلول/ سبتمبر 2018) بشأن لقاح Dengvaxia أن لقاح حمى الضنك CYD-TDV الموهن الحي أثبت نجاعته ومأمونيته في التجارب السريرية التي أجريت على أشخاص أُصيبوا سابقاً بعدوى فيروس حمى الضنك (الأفراد الإيجابيون مصلياً). ولكنه ينطوي على خطورة الإصابة بحمى الضنك الوخيمة بشكل متزايد لدى من يصابون طبيعياً لأول مرة بعدوى حمى الضنك عقب تطعيمهم باللقاح (من السلبيين مصلياً في وقت تطعيمهم به). وتُوصَى البلدان التي تنظر في موضوع التطعيم باللقاح في إطار تنفيذ برامجها المعنية بمكافحة حمى الضنك باتباع استراتيجية فرز الحالات قبل تطعيمها. ووفقاً لهذه الاستراتيجية، فإن من شأن التطعيم بهذ اللقاح أن يُقصر على الأشخاص الذين توجد بينات تثبت إصابتهم سابقاً بعدوى حمى الضنك (بناء على اختبار الأضداد في أجسامهم أو على توثيق إصابتهم بعدواها المؤكدة مختبرياً في الماضي). وستنطوي القرارات المتعلقة بتنفيذ استراتيجية فرز الحالات قبل تطعيمها على إجراء تقييم دقيق قطري المستوى، بما فيه النظر في مدى حساسية الاختبارات المتاحة وخصوصياتها والأولويات المحلية ودراسة الأوبئة الناجمة عن حمى الضنك ومعدلات إدخال المرضى المصابين بالحمى إلى المستشفيات في كل بلد تحديداً والقدرة على تحمل تكاليف اللقاح CYD-TDV واختبارات فرز الحالات على حد سواء.
وينبغي النظر في موضوع التطعيم باللقاح في إطار اتباع استراتيجية متكاملة بشأن الوقاية من حمى الضنك ومكافحتها. وثمة حاجة ملحّة إلى الالتزام بسائر تدابير الوقاية من المرض، مثل التدابير المطبقة والمُصانة جيداً في مجال مكافحة نواقل المرض. وينبغي أن يسعى الأفراد، بصرف النظر عمّا إذا كانوا مطعمين أم لا، إلى الحصول على الرعاية الطبية فوراً إن هم أبدوا أعراضاً مماثلة لتلك الدالة على الإصابة بحمى الضنك.
الوقاية من المرض ومكافحته
إذا علمت بإصابتك بحمى الضنك، فاحرص على تفادي التعرض لمزيد من لدغات البعوض خلال الأسبوع الأول من إصابتك بالاعتلال. وقد يكون الفيروس دائراً بدمك في تلك الأثناء، وتكون بالتالي وسيلة لنقل الفيروس إلى حشرات جديدة من البعوض غير الحاملة لعدواه لتنقلها بدورها إلى أشخاص آخرين.
ويشكل قرب مواقع تكاثر البعوض الناقل للمرض من سكن الإنسان واحداً من أخطر وأهم عوامل إصابته بحمى الضنك، فضلاً عن إصابته بأمراض أخرى ينقلها البعوض الزاعج. وثمة طريقة واحدة أساسية بالوقت الحاضر لمكافحة انتقال فيروس حمى الضنك أو الوقاية منها، ألا وهي مكافحة البعوض الناقل للمرض. وفيما يلي كيفية تحقيق ذلك:
- الوقاية من تكاثر البعوض بواسطة ما يلي:
- منع البعوض من الوصول إلى موائل وضع البيوض عن طريق اتخاذ تدابير لإدارة البيئة وتعديلها؛
- التخلص من النفايات الصلبة كما ينبغي وإزالة الموائل التي هي من صنع الإنسان والتي يمكن أن تتجمع فيها المياه؛
- تغطية حاويات تخزين المياه المنزلية وتفريغها وتنظيفها أسبوعياً؛
- استعمال مبيدات الحشرات المناسبة في الحاويات الخارجية لتخزين المياه؛
- فيما يلي تدابير الحماية الشخصية من لدغات البعوض:
- اللجوء إلى تدابير الوقاية المنزلية الشخصية مثل سواتر النوافذ والمواد الطاردة والمواد المعالجة بالمبيدات والوشائع وأجهزة التبخير؛ ويجب مراعاة هذه التدابير خلال النهار داخل المنزل وخارجه على حد سواء (أثناء التواجد في العمل/ المدرسة مثلاً)، لأن البعوض الناقل الرئيسي للمرض يلدغ أثناء النهار؛
- يُنصح بارتداء الملابس التي تقلل إلى أدنى حد من تعرض البشرة للبعوض؛
- إشراك المجتمع المحلي:
- تثقيف المجتمع المحلي بمخاطر الأمراض المنقولة بواسطة البعوض؛
- التشارك في العمل مع المجتمع المحلي لتحسين مشاركة الأفراد وتعبئة طاقاتهم من أجل مكافحة نواقل المرض بشكل مستدام؛
- مكافحة نواقل المرض بطريقة تفاعلية:
- يجوز أن تلجأ السلطات الصحية إلى اتخاذ تدابير لمكافحة نواقل المرض أثناء الطوارئ، من قبيل استعمال مبيدات الحشرات لرش الأماكن أثناء اندلاع الفاشيات؛
- ترصد البعوض والفيروسات بفعالية:
- ينبغي أن يُضطلع برصد مدى كثرة نواقل المرض وترصدها بفعالية للبت في فعالية تدخلات مكافحتها.
- رصد معدلات انتشار الفيروس رصداً استشرافياً بين أسراب البعوض بالتلازم مع فحص أسرابه الخافرة بفعالية؛
وإضافة إلى ذلك، يتواصل على قدم وساق إجراء بحوث فيما بين الكثير من مجموعات المتعاونين دولياً في إيجاد أدوات حديثة واستراتيجيات مبتكرة تسهم في الجهود العالمية لوقف انتقال حمى الضنك، فضلاً عن سائر الأمراض المنقولة بواسطة البعوض. وتُشجع المنظمة على دمج نهوج إدارة نواقل المرض من أجل تنفيذ تدخلات مستدامة وفعالة ومطوعة وفقاً للسياق المحلي لمكافحة تلك النواقل.
استجابة منظمة الصحة العالمية
فيما يلي الطرق التي تستجيب المنظمة بواسطتها لحمى الضنك:
- مساندة البلدان في تأكيد الفاشيات المندلعة عبر شبكة المختبرات المتعاونة معها؛
- تزويد البلدان بالدعم والإرشاد التقنيين فيما يتعلق بإدارة فاشيات حمى الضنك بفعالية؛
- دعم البلدان في النهوض بنظمها المعنية بالإبلاغ وتحديد العبء الحقيقي للمرض؛
- إتاحة التدريب في مجال التدبير العلاجي لحالات المرض سريرياً وتشخيصه ومكافحة نواقله على المستوى الإقليمي بمعية بعض المراكز المتعاونة معها؛
- صياغة استراتيجيات وسياسات مسندة بالبيِّنات؛
- دعم البلدان في وضع استراتيجيات بشأن الوقاية من حمى الضنك ومكافحتها واعتماد الاستجابة العالمية لمكافحة نواقل الأمراض (2017-2030)
- استعراض عملية استحداث أدوات جديدة، بما فيها منتجات مبيدات الحشرات وتكنولوجيات تطبيقها؛
- جمع سجلات رسمية عن معدلات الإصابة بحمى الضنك وحمى الضنك الوخيمة ممّا يزيد على 100 دولة عضو؛
- نشر مبادئ توجيهية وكتيبات موجهة إلى الدول الأعضاء بشأن ترصد حمى الضنك وتدبير حالات رعايتها علاجياً والوقاية منها ومكافحتها.
اترك تعليقا